للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه السورة الكريمة أُخلصت لذِكر أوصاف الرّحمن ونعوت كماله وجلاله، فأحب هذا الصحابي رضي الله عنه الإكثار من قراءتها، ولهذا لما سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب ملازمته لقراءتها قال: لأنَّها صفة الرّحمن وأنا أحب أن أقرأ بها. فقال: " أخبروه أنَّ الله يحبّه "، وفي رواية أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حُبُّك إياها أدخلك الجنة ".

فدل ذلك على أنَّ حب العبد لصفات الرحمن وملازمتَه تذكّرها واستحضار ما دلّت عليه من المعاني الجليلة اللائقة بكمال الرب وجلاله، والتفقّه في معانيها سببٌ عظيم من أسباب دخول الجنة، ونيل رضى الرب تبارك وتعالى ومحبته كما هو الحال في قصة هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه وأرضاه.

إنَّ الواجب على كل مسلم أن يقف مع جميع الصفات الواردة في الكتاب والسنة موقف الرضا والقبول والتسليم، كما قال الإمام الزهري رحمه الله: "مِن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم"١. ولا يجوز لمسلم قَدَرَ الله حقّ قدْرِه أن يُقابل شيئاً منها برَدٍّ أو استنكارٍ أو تعطيلٍ أو نحو ذلك.

روى عبد الرزاق في مصنفه عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أنَّه رأى رجلاً انتفض لما سمع حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات استنكاراً لذلك، فقال: ما فَرَقُ هؤلاء؟ يجدون رقة عند محكمه ويهلكون عند متشابهه"٢.


١ أورده البخاري في صحيحه (١٣/٥٠٣ ـ فتح) .
٢ المصنف (١١/٤٢٣) ، وأورده شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في كتابه التوحيد، وانظر شرحه في تيسير العزيز الحميد (ص:٥٧٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>