وصفات الله في القرآن والسنة من المحكم، إلا أنَّ هذا الرجل لقلة علمه وضعف تفريقه اشتبه عليه الأمر فبادر إلى الاستنكار، فأنكر عليه ابن عباس رضي الله عنهما ذلك وأخبر أنَّ هذا الاستنكار سبيلُ هلكه.
فتبيّن بذلك أنَّ الواجب في الأسماء والصفات هو التسليم والقبول، وأن يحذر المسلمُ أشدّ الحذر من سبيل من يُلحدون في أسماء الله وصفاته إما بتعطيل لها، أو تكذيب لبعضها، أو تحريف لمعانيها، أو تمثيل لها بصفات المخلوقين، أو نحو ذلك من سبل الضلال، تعالى الله وتقدّس عن ذلك.
وأهل السنة والجماعة منهجهم في هذا الباب العظيم: هو إثبات ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من صفات الكمال ونعوت الجلال، دون تحريف أو تعطيل، ودون تكييف أو تمثيل، ونفي ما نفاه الله عن نفسه وما نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من النقائص والعيوب، ولا يتجاوزون في ذلك القرآن والحديث.
ولا ريب أنَّ لهذا المنهج العظيم آثاراً كثيرةً على العبد في صلاحه واستقامته وخوفه من ربّه ومراقبته له؛ إذ إنَّ العبد كلَّما كان بالله وبأسمائه وصفاته أعلم كان من الله أخوف، وله أطلب، وإليه أقرب.
أما من خالف هذا المنهج وتَنَكَّبَ هذه الجادة وسلك طرقَ أهل الزيغ في أسماء الله وصفاته فما أبعده عن معرفة ربه وخالقه، بل إنَّه يكون أضعف الناس معرفة بالله، وأقلّهم خوفاً وخشيةً منه.
ولذا يقول ابن القيم رحمه الله بعد أن بيّن أنَّ تفاوت الناس في معرفة الله يرجع إلى تفاوتهم في معرفة النصوص النبوية وفهمها والعلم