في الطواف مشروع بالاتفاق، وأما القراءة في الطواف ففيها نزاع معروف.
وتارة باختلاف الأمكنة، كما أنَّ المشروعَ بعرفة ومزدلفة وعند الجِمار وعند الصفا والمروة هو الذِّكرُ والدعاء دون الصلاة ونحوها، والطواف بالبيت للوارد أفضلُ من الصلاة، والصلاة للمقيمين بمكة أفضل.
وتارة باختلاف مرتبة جنس العبادة، فالجهاد للرجال أفضل من الحج، وأمَّا النساء فجهادهنَّ الحج، والمرأة المتزوجة طاعتها لزوجها أفضلُ من طاعتها لأبويها، بخلاف الأيِّمة فإنَّها مأمورة بطاعة أبويها.
وتارة يختلف باختلاف حال قدرة العبد وعجزه، فما يقدر عليه من العبادات أفضلُ في حقِّه مما يعجز عنه، وإن كان جنسُ المعجوز عنه أفضلَ، وهذا بابٌ واسعٌ يغلو فيه كثيرٌ من الناس ويتَّبعون أهواءهم.
فإنَّ من الناسِ مَن يرى أنَّ العملَ إذا كان أفضلَ في حقِّه لمناسبة له ولكونه أنفع لقلبه وأطوع لربِّه يريد أن يجعله أفضلَ لجميع الناس ويأمرهم بمثل ذلك.
والله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالكتاب والحكمة، وجعله رحمة للعباد وهادياً لهم يأمر كلَّ إنسانٍ بِما هو أصلح له، فعلى المسلم أن يكون ناصحاً للمسلمين، يقصد لكلِّ إنسان ما هو أصلح له.
وبهذا تبيَّن لك أنَّ من الناس من يكون تطوعه بالعلم أفضل له، ومنهم من يكون تطوُّعُه بالجهاد أفضلَ، ومنهم من يكون تطوُّعُه