للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعبادات البدنية كالصلاة والصيام أفضلَ له١، والأفضل المطلق ما كان أشبه بحال النبيِّ صلى الله عليه وسلم باطناً وظاهراً، فإنَّ خيرَ الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم "٢. اهـ كلامه رحمه الله.

وهو كما ترى مشتملٌ على تحقيق متقن، وتأصيل واف في هذا الباب العظيم لِمَن أراد لنفسه الأفضلَ والأكملَ في العبادات والأمور المُقرِّبة إلى الله عزَّ وجلَّ، وحاصلُه أنَّ الأفضلَ في كلِّ وقتٍ وحالٍ هو مراعاة سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت والحال والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه، فبذلك يدرك المسلم الكمال، ويظفر بالأفضل والأكمل.

على أنَّه ينبغي أن يعلم أنَّ الأعمالَ المتساوية في الجنس تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان بالله والمحبة له والتعظيم لشرعه وقصد وجهه بالعمل تفاضلاً لا يحصيه ولا يحيط به إلاَّ الله.

فنسأله سبحانه أن يهدينا وإياكم إلى أحسن الأعمال لا يهدي إلى أحسنها إلاَّ هو، وأن يرزقنا جميعاً الإخلاصَ في القول والعمل.


١ ومن لطيف ما يُذكر في هذا الباب ما أورده الذهبيُّ في سير أعلام النبلاء (٨/١١٤) في ترجمة الإمام مالك بن أنس، أنَّ عبد الله بن عمر العُمري العابد كتب إلى الإمام مالك يَحُضُّه على الانفراد والعمل، فكتب إليه مالكُ بن أنس: " إنَّ الله قسم الأعمالَ كما قسم الأرزاق، فرُبَّ رجل فُتح له في الصلاة، ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الجهاد، فنَشرُ العلم من أفضل أعمال البِرِّ، وقد رضيت بِما فتح لي، وما أظنُّ ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كِلانَا على خير وبِرٍّ)) .
(٢) مجموع الفتاوي (١٠/٤٢٧-٤٢٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>