للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشوكاني رحمه الله في رسالةٍ له في وجوب توحيد الله عزَّ وجلَّ بعد أن أورد طرفاً من هذه النصوص: " فهذه الآياتُ البيِّنات دلَّت على أنَّ الدعاءَ مطلوبٌ لله عزَّ وجلَّ من عباده، وهذا القدر يكفي في إثبات كونه عبادة، فكيف إذا انضمَّ إلى ذلك النهيُ عن دعاء غير الله سبحانه، قال الله عزَّ وجلَّ: {فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً} ١، وقال تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ} ٢، وقال سبحانه ناعياً على مَن يدعو غيرَه ضارباً له الأمثال: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} ٣، وقال تعالى: {قُل ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِن دُونِ اللهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ} ٤.

فكيف إذا صرَّح القرآنُ الكريمُ بأنَّ الدعاءَ عبادةٌ تصريحاً لا يبقى عنده ريبٌ لمرتابٍ، قال الله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} ٥، فقد طلبَ اللهُ سبحانه من عباده في هذه الآيةِ أن يدعوه، وجعلَ جزاءَ الدعاء له منهم الإجابةَ منه فقال: {أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ، ولهذا جزمه لكونه جواباً للأمر، ثمَّ توعَّدهم على الاستكبار عن هذه العبادة


١ سورة الجنّ، الآية: (١٨) .
٢ سورة الرعد، الآية: (١٤) .
٣ سورة الأعراف، الآية: (١٩٤) .
٤ سورة سبأ، الآية: (٢٢) .
٥ سورة غافر، الآية: (٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>