للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُرتِّبُ هؤلاء لأورادهم وظائف محدَّدة وصفات معيَّنة وأوقات ثابتة، وهذا كلُّه ولا ريب من الإحداثِ في الدِّين، ومن المفارقة لسبيل سيِّد الأنبياء والمرسَلين، والاستعاضة عنه بما أحدثه شيوخ الضلال وأئمة الباطل، وهو تشريعٌ في الدِّين بما لَم يأذن به الله، والله تعالى يقول: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ} ١، ثمَّ تجدُهم مع ذلك يعظِّمون أورادهم هذه ويُعْلُون من شأنها، ويرفعون من قَدْرِها، ويُقدِّمونها على الأوراد الصحيحة والأدعية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضلِ الخلق وأكملِهم ذكراً ودعاءً لربِّه سبحانه.

قال القاضي عياضٌ رحمه الله: " أذن الله في دعائه، وعلَّم الدعاءَ في كتابه لخليقته، وعلَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم الدعاءَ لأمَّته، واجتمعت فيه ثلاثةُ أشياء: العلمُ بالتوحيد، والعلم باللغة، والنصيحة للأمَّة، فلا ينبغي لأحدٍ أن يعدلَ عن دعائه صلى الله عليه وسلم، وقد احتال الشيطانُ للناس من هذا المقام، فقيَّض لهم قومَ سوء يخترعون لهم أدعيةً يشتغلون بها عن الاقتداء بالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "٢.

وقال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره الجامع لأحكام القرآن: " فعلى الإنسان أن يستعمل ما في كتاب الله وصحيح السنة من الدعاء ويدع ما سواه، ولا يقول أختار كذا؛ فإنَّ الله قد اختار لنبيِّه وأوليائه وعلَّمهم كيف يدعون " اهـ٣.


١ سورة الشورى، الآية: (٢١) .
٢ انظر: الفتوحات الربانية لابن علان (١/١٧) .
٣ الجامع لأحكام القرآن (٤/١٤٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>