للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} ، وذلك أنَّ اللهَ ذكَرَ عبداً صالحاً رضيَ فِعلَه فقال: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} ١ "٢.

وقال ابن جُريج رحمه الله: " يكره رفعُ الصوت والنداءُ والصياحُ في الدعاء، ويؤمر بالتضرع والاستكانة "٣.

فإخفاء الدعاء وعدمُ الجهرِ به أدبٌ لا بدَّ منه، ويترتَّبُ عليه من الفوائد والفضائل والمنافعِ ما لا يُعدُّ ولا يُحصى، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لإخفاء الدعاء فوائدَ عديدةً يتبيَّن من خلالها أهميَّةُ إخفاء الدعاء وكثرةُ العوائدِ والفضائل المترتِّبةِ على إخفائِه.

أحدها: أنَّه أعظمُ إيماناً؛ لأنَّ صاحبَه يعلم أنَّ الله يسمع الدعاءَ الخفيَّ.

وثانيها: أنَّه أعظمُ في الأدب والتعظيمِ، فإذا كان يسمع الدعاءَ الخفيَّ فلا يليق بالأدب بين يديه إلاَّ خفض الصوت به.

ثالثها: أنَّه أبلغُ في التضرُّعِ والخشوع، الذي هو روح الدعاء ولُبُّه ومقصودُه، فإنَّ الخاشعَ الذليلَ إنَّما يسألُ مسألةَ مسكين ذليلٍ، قد انكسر قلبُه وذلَّت جوارحُه وخشع صوتُه.

رابعها: أنَّه أبلغُ في الإخلاص.

خامسُها: أنَّه أبلغُ في جَمعيَّةِ القلبِ على الذِّلَّةِ في الدعاء، فإنَّ رفعَ


١ سورة مريم، الآية: (٣) .
٢ الزهد لابن المبارك (ص:٤٥) ، وتفسير الطبري (٥/٥١٤) .
٣ تفسير الطبري (٥/٥١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>