الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لِمَن أطراه:" أنا محمد بن عبد الله عبدُ الله ورسولُه، والله ما أحبُّ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عزَّ وجلَّ "١، فمَن عظَّمه صلى الله عليه وسلم بما لا يُحبُّ فإنَّما أتى بضدِّ التعظيم، والتعظيمُ الحقُّ قد دلَّ عليه الشرعُ ومحلُّه القلب واللسان والجوارح.
أمَّا التعظيمُ بالقلب فهو ما يتبعُ اعتقاد كونِه رسولَ الله من تقديم محبَّتِه على النفس والولد والوالد والناسِ أجمعين، ويُصدِّق هذه المحبَّةَ أمران:
أحدهما: تجريد التوحيد لله سبحانه وتعالى، فإنَّه صلى الله عليه وسلم كان أحرصَ الناس على تجريدِه حتى قطع أسبابَ الشركِ ووسائلَه من جميعِ الجهات، فنهى أن يُقال " ما شاء الله وشئتَ "، وأن يُحلف بغير الله، وأخبر أنَّ ذلك شركٌ، ونهى أن يُصلَّى إلى القبورِ، وأن تُتَّخذَ مسجداً أو عيداً، أو أن يُوقد عليها السُرُجَ، أو غير ذلك ممَّا قرَّره صلى الله عليه وسلم أتمَّ التقرير بقوله وفِعلِه وهديِه، فتعظيمه صلى الله عليه وسلم إنَّما يكون بموافقته على ذلك لا بمناقضتِه فيه.
الأمر الثاني: تجريدُ متابعته وتحكيمُه وحده في الدقيق والجليلِ من أصولِ الدين وفروعه، والرضا بحكمه والانقيادُ له والتسليمُ والإعراضُ عمَّن خالفه، وعدمُ الالتفات إليه حتى يكون وحده الحاكمَ المتبَعَ المقبولَ قولُه، كما كان ربُّه تعالى وحده المعبودَ المألوهَ المخوفَ المرجوَّ المستعانَ لا شريك له
١ المسند (٣/١٥٣) ، وصحيح ابن حبان (رقم:٦٢٤٠) من حديث أنس رضي الله عنه، وصححه العلاَّمة الألباني رحمه الله في الصحيحة (رقم:١٥٧٢) .