للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنُ عقيل رحمه الله: " صبئت قلوب أهل الإلحاد لانتشار كلمة الحق وثبوت الشرائع بين الخلق والامتثال لأوامرها ... ثمَّ مع ذلك لا يرون لمقالتهم نباهةً ولا أثراً، بل الجوامع تتدفَّق زحاماً، والأذانات تملأ أسماعهم بالتعظيم لشأن النبي صلى الله عليه وسلم والإقرار بما جاء به، وإنفاق الأموال والأنفس في الحج مع ركوب الأخطارِ ومعاناة الأسفار ومفارقةِ الأهلِ والأولاد، فجعل بعضُهم يندسُّ في أهل النقل فيضع المفاسد على الأسانيد، ويضع السِير والأخبار، وبعضُهم يروي ما يُقارب المعجزات مِن ذِكرِ خواصٍّ في أحجار، وخوارق العادات في بعض البلاد، وإخبار عن الغيوب عن كثير من الكهنةِ والمنجِّمين ويُبالغ في تقرير ذلك ... فقالوا تعالوا نكثر الجوْلان في البلاد والأشخاص والنجوم الخواص ... "١، إلخ كلامِه رحمه الله.

فتأمَّل أخي المسلم كيف تمكَّن هؤلاء بخفيِّ مكرهم وعِظم كيدهم من صدِّ كثير من عوام المسلمين وجهالهم عن الحقِّ والهدى الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقلِهم منه إلى أنواع من الضلالات وصنوفٍ من الباطل، مِن تعلُّقٍ بقبور أو تبرُّكٍ بأشجار وأحجار، أو ذبحٍ ونذر لأضرحةٍ وقِباب، ونحو ذلك من الضلال المفارق لدين الإسلام، المبايِنِ لِملِّة التوحيد القائمةِ على إخلاص العمل للمعبود، والمتابعةِ في ذلك كلِّه للرسول صلى الله عليه وسلم. ومِمَّا ينبغي أن يُعلم هنا أنَّ سببَ ضلال هؤلاء وغيرِهم مِمَّن تأثَّر


١ انظر: تلبيس إبليس لابن الجوزي (ص:٦٨، ٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>