للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم وسار على طريقهم ثلاثةُ أشياء:

أحدُها: إمَّا اعتمادُهم على ألفاظٍ متشابهةٍ مُجملةٍ مشكلة منقولة عن الأنبياء، وعدلوا عن الألفاظ الصريحة المحكمة وتمسَّكوا بها، وهم كلَّما سمعوا لفظاً فيه شبهةٌ تمسَّكوا به وحملوه على مذهبهم وإن لَم يكن دليلاً على ذلك، والألفاظُ الصريحةُ المخالفةُ لذلك إمَّا أن يفوِّضوها وإما أن يتأوَّلوها كما يصنع أهل الضلال يتِّبعون المتشابه من الأدلة العقلية والسمعية، ويعدِلون عن المحكم الصريح، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} ١.

الأمر الثاني: أخبارٌ منقولةٌ إليهم عن الأنبياء ظنُّوها صدقاً، وهي مكذوبةٌ عليهم، وَضَعها عُبَّاد الأصنام وأئمَّةُ الباطلِ انتصاراً لمذاهبهم وتأييداً لباطلهم، وليس في جميع ما يُروى في هذا الباب حديثٌ واحدٌ مرفوعٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم يُعتمد عليه باتِّفاق أهل المعرفة بحديثه صلى الله عليه وسلم، بل المرويُّ في ذلك إنَّما يَعرفُ أهلُ المعرفة بالحديث أنَّه من الموضوعات، إمَّا تعمُّداً من واضعه، وإمَّا غلطاً منه، مثل نسبتهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: " لو حسَّن أحدُكم ظنَّه في حجر لنفعه الله به "٢، ونحو ذلك من


١ سورة آل عمران، الآية: (٧) .
٢ أورده ملاَّ علي قاري في الموضوعات (ص:١٨٩) ، وقال: " قال ابن تيمية: موضوع. وقال ابن القيم: هو من كلام عُبَّاد الأصنام الذين يُحسنون ظنَّهم بالأحجار. وقال ابن حجر العسقلاني: لا أصل له)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>