للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإفك البيِّن والكذب الواضح.

الأمر الثالث: خوارقُ ظنُّوها من الآيات، وهي من أحوال الشيطان١، وحكاياتٌ حُكيت لهم عن أصحاب القبور مثل أنَّ فلاناً استغاث بالقبر الفلانيِّ في شدَّة فخُلِّص منها، وفلاناً دعاه أو دعا به في حاجة فقُضيت له، وفلاناً نزل به ضرٌّ فاسترجى صاحبَ القبر فكشف ضُرَّه، والنفوسُ مولعةٌ بقضاء حوائجها وإزالة ضروراتها، ومِن هذا المدخل نفذ الشيطانُ إلى قلوب هؤلاء، وتدرَّج بهم في دعوتهم إليه، فحسَّن للواحد من هؤلاء أولاً الدعاءَ عند القبور، وأنَّه أرجحُ منه في بيته ومسجده وأوقات سَحَرِه، فإذا تقرَّر ذلك عنده نقلَه درجةً أخرى من الدعاء عنده إلى الدعاء به والإقسام على الله به، وهذا أعظمُ من الذي قبله، فإذا قرَّر الشيطانُ عنده أنَّ الإقسامَ على الله به أبلغُ في تعظيمِه واحترامِه وأنجحُ في قضاءِ حاجته نقله درجةً أخرى إلى دعائه نفسِه من دون الله، ثمَّ ينقله بعد ذلك درجةً أخرى إلى أن يتَّخذ قبرَه وثناً يعكفُ عليه، ويوقدُ عليه القناديل، ويُعلِّقُ الستور، ويبني عليه المسجد، ويعبدُه بالسجود له والطواف به وتقبيله واستلامِه والحج إليه والذبح عنده٢، والواجبُ الحذرُ من الشيطان وجنوده، ولزومُ سبيلِ المؤمنين بإخلاص العمل كلِّه لله عزَّ وجلَّ مع المتابعة في ذلك كلِّه للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، جعلنا الله وإياكم مِن أتباعه وهدانا لزومَ سنَّتِه.


١ انظر: الجواب الصحيح لابن تيمية (١/٣١٦ ـ ٣١٧) .
٢ انظر: إغاثة اللهفان لابن القيم (١/٢٣٣ ـ ٢٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>