للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضيلةً وسنةً أو مباحاً لَنَصَبَ الصحابةُ هذا القبرَ عَلَماً لذلك، ودعوا عنده، وسنوا ذلك لِمَن بعدهم، ولكن كانوا أعلمَ بالله ورسولِه ودينِه مِمَّن جاء بعدهم، وكذلك التابعون لهم بإحسانٍ ساروا على هذا السبيل واقتفوا تلك الآثار، وقد كان عندهم من قبور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمصار عددٌ كثير وهم متوافرون فما منهم مَن استغاث عند قبرِ صاحب ولا دعاه ولا دعا به ولا دعا عنده، ومن المعلوم أنَّ مثلَ هذا ممَّا تتوافر الهِممُ والدواعي على نقله، بل على نقل ما هو دونَه، ولم ينقل عنهم في فعل شيء من ذلك حرفٌ واحد، وحينئذ يُقال إن كان هذا الأمرُ مشروعاً وسنةً فكيف يخفى علماً وعملاً على الصحابة والتابعين وتابعيهم، وكيف تكون القرونُ الثلاثةُ المفضَّلةُ جاهلةً به مع حرصهم على كلِّ خير، وبهذا يتبيَّنُ أنَّ هذا الأمرَ ليس من دين الله ولا من شرعه، والله يقول: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ} ١، فإذا لَم يشرع اللهُ ذلك فمَن شرعه فقد شرع من الدِّين ما لَم يأذن به الله، وقد قال الله تعالى: {قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} ٢.

لقد ذكر علماءُ الإسلام وأئمَّةُ الدِّين الأدعيةَ الشرعيةَ المأخوذةَ من الكتاب والسنةِ بحدودها الشرعيةِ وضوابِطها المرعيةِ، وأعرضوا تمام


١ سورة الشورى، الآية: (٢١) .
٢ سورة الأعراف، الآية: (٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>