أبو العالية رحمه الله قال:" لَمَّا فتحنا تُستُر وَجدنا في بيت مال الهُرمزان سريراً عليه رجلٌ ميِّتٌ، عند رأسه مُصحفٌ له، فأخذنا المُصحفَ فحملناه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فدعا له كعباً فنسَخَه بالعربية، فأنا أوَّلُ رجل من العرب قَرَأَه، قرأته مثل ما أقرأُ القرآنَ، فقلتُ لأبي العالية: ما كان فيه؟ قال: سيرتُكم وأمورُكم ولحون كلامكم وما هو كائنٌ بعدُ، قلتُ: فما صنعتم بالرجل؟ قال: حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبراً متفرِّقة، فلمَّا كان الليلُ دفنَّاه، وسوينا القبور كلَّها لنُعْميه على الناس لا ينبشونه، قلتُ: وما يرجون منه؟ قال: كانت السماءُ إذا حُبست عنهم برزوا بسريرِه فيُمطرون، فقلتُ: مَن كنتم تظنُّون الرجل؟ قال: رجلٌ يُقال له دانيال، فقلتُ: منذ كم وجدتموه مات؟ قال: منذ ثلاثمائة سنة، قلتُ: ما كان تغيَّر منه شيء؟ قال: لا إلاَّ شُعيراتٌ من قفاه، إنَّ لحومَ الأنبياء لا تُبليها الأرض، ولا تأكلها السباع "، أورد هذا الأثرَ ابنُ كثير في كتاب البداية والنهاية، وقال:" إسناده صحيح إلى أبي العالية "١.
وفي هذا الأثر دلالةٌ على ما كان عليه السلفُ رحمهم الله من حَيطةٍ كاملة وحذرٍ شديدٍ في هذا الباب الخطير، وما فعله المهاجرون والأنصارُ بتوجيه من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من إخفاءٍ لقبر دانيال وتَعْمِيةٍ لمكانه دليلٌ على ما كانوا عليه من حيطةٍ وحذرٍ لئلا يَفتتن به الناس، ولو كان الدعاءُ عند القبور والصلاةُ عندها والتبرُّكُ بها