للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما مِن ريبٍ أنَّ القَصصَ والحكاياتِ لها تأثيرٌ بالغٌ في قلوب العامَّةِ والجُهالِ، فكم أوقعت كثيراً منهم في صنوف الضَلال وأنواعٍ من الباطل، والواجبُ على عبد الله المسلمِ أن لا يَبْنِيَ دينَه على شيء من ذلك؛ إذ لا عبرةَ به ولا مُعوَّلَ عليه، ولا حُجَّة فيه وإنَّما الحُجَّةُ في كتاب الله تعالى وسنَّةِ رسوله صلى الله عليه وسلم، لا في الحكايات المختلقَة والقصص الملَفَّقةِ والأخبار المزوَّرة.

قال الإمام العلاَّمة ابن القيم رحمه الله وهو بصدد بيان بعض الأمور التي أوقعت بعضَ الناسِ في الافتتان بالقبور والتعلُّقِ بها مع أنَّ ساكنيها أمواتٌ لا يملكون لهم ضرًّا ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، قال رحمه الله: " ومنها [أي الأمور التي أدَّت إلى ذلك] : حكايات حُكيت لهم عن تلك القبور أنَّ فلاناً استغاث بالقبر الفلاني في شدَّة فخلص منها، وفلاناً دعاه أو دعا به في حاجة فقُضيت له، وفلاناً نزل به ضرٌّ فاسترجى صاحبَ ذلك القبر فكشف ضُرَّه، وعند السَدنة والمَقَابريَّة مِن ذلك شيءٌ كثير يطول ذكرُه، وهم مِن أكذبِ خَلق الله تعالى على الأحياء والأموات ... "، إلى آخر كلامه رحمه الله١.

وما كان لهذا التقرير الفاسد والاستدلال الباطل أن يَرُوجَ بين أحد من المنتسبين للإسلام والمنتمين لهذه الملَّة الحنيفية؛ لولا غلبةُ الجهل وقلَّةُ العلم بحقيقة ما بعث الله به رسولَه صلى الله عليه وسلم، بل جميعَ الرسل من تحقيق التوحيد وقطع أسباب الشرك ووسائلِه.

وقد ذكر أهل العلم أجوبةً كثيرةً ووجوهاً عديدة في الردِّ تُبيِّن وهاءَ


١ إغاثة اللهفان (١/٢٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>