للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الاستدلال وفسادَه، ومِن تلك الأجوبة:

أنَّ دينَ الله تامٌّ كاملٌ لا نقص فيه، والله يقول: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} ١، فما لَم يكن ديناً زمن نبيِّنا صلى الله عليه وسلم وأصحابه فليس اليوم ديناً، ولن يكون ديناً إلى أن تقوم الساعة، والله جلَّ وعلا لا يقبل في الدِّين إلاَّ ما دلَّ عليه كتابه وسُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم، وأما الحكاياتُ والمناماتُ والقَصصُ والأخبارُ فليست مما يُقام عليه شرعٌ أو يُبنى عليه دينٌ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وإنَّما المتَّبَع عند علماء الإسلام في إثبات الأحكام هو كتابُ الله وسنةُ رسوله صلى الله عليه وسلم وسبيلُ السابقين الأولين، ولا يجوز إثباتُ حكم شرعي بدون هذه الأصول الثلاثة نصًّا أو استنباطاً بحال "٢.

ولَم يرِد في تحرِّي الدعاء عند القبور آيةٌ مُحكمةٌ ولا سنَّةٌ متَّبَعةٌ ولم يُنقل في جواز ذلك شيءٌ ثابتٌ عن القرون الثلاثة المفضَّلة التي أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: " خير أمتي القرن الذي بُعثتُ فيهم ثمَّ الذين يلونهم ثمَّ الذين يلونهم "٣، ولم يُنقل شيءٌ من ذلك عن إمامٍ معروف، ولا عالِمٍ متَّبَع.

ثمَّ إنَّ كثيراً من هذه الحكايات والمنامات التي تُروى في هذا الباب لا تصح عمَّن نُقلت عنه، وإنَّما هي متقوَّلةٌ مكذوبةٌ مفتراةٌ، ولا سيما منها ما يُنسب إلى بعض أهل العلم والفضل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وهذا والحمد لله لَم يُنقل عن إمام معروف ولا عالم


١ سورة المائدة، الآية: (٣) .
٢ اقتضاء الصراط (ص:٣٤٤) .
٣ صحيح مسلم (رقم:٢٥٣٤) ، والمسند (٢/٢٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>