متبع، بل المنقول في ذلك إمَّا أن يكون كذباً على صاحبه، وإما أن يكون المنقولُ من هذه الحكايات عن مجهول لا يُعرف، ومنها ما قد يكون صاحبُه قاله أو فعله باجتهاد يخطئ فيه ويُصيب، أو قاله بقيود وشروط كثيرة على وجه لا محذور فيه، فحُرِّف النقلُ عنه كما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أذِن في زيارة القبور بعد النهي عنها فَهِمَ المبطلونَ أنَّ ذلك هو الزيارةُ التي يفعلونها من حجها للصلاة عندها والاستغاثة بها "١.اهـ.
ثمَّ إنَّ قضاءَ حاجات بعض هؤلاء الداعينَ وتحقُّقَ رغباتهم لا يدلُّ على صحَّةِ عملِهم وسلامتِه، فقد تكون الإجابةُ استدراجاً وابتلاءً وامتحاناً، فليس مجرَّدُ كونِ الدعاءِ حصل به المقصودُ أو تحقَّقَ به المرادُ دليلاً على أنَّه سائغٌ في الشريعة، فإنَّ حصولَ التأثير ليس دليلاً على المشروعية، فالسِّحرُ والطلِسمات والعين وغيرُ ذلك من المؤَثِّرات في العالم بإذن الله قد يقضي الله بها كثيراً من أغراض النفوس الشرِّيرة، ومع ذلك فهي محرَّمةٌ وباطلةٌ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وليس مجرَّد كون الدعاء حصل به المقصود ما يدلُّ على أنَّه سائغٌ في الشريعة، فإنَّ كثيراً من الناس يدعون مِن دون الله من الكواكب والمخلوقين، ويحصُلُ ما يحصل من غرضِهم، وبعضُ الناس يقصدون الدعاء عند الأوثان والكنائس وغير ذلك، ويدعو التماثيل التي في الكنائس ويحصل ما يحصل من غرضه، وبعض الناس يدعو بأدعيةٍ محرَّمة باتِّفاق المسلمين ويحصل ما يحصل من غرضهم.