للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِدْرَارًا} "١.

وقال ابن صَبيح: " شكا رجلٌ إلى الحسن البصري رحمه الله الجدوبةَ، فقال له: استغفر الله، وشكا إليه آخر الفقر، فقال له: استغفر الله، وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولداً، فقال له: استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له: استغفر الله، فقلنا له في ذلك؟ فقال: ما قلت من عندي شيئاً، إنَّ الله تعالى يقول في سورة نوح: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنَينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَكُمْ أَنْهَارَا} " ٢.

ومعنى الآية: " أي إذا تُبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه، كثر الرزق عليكم وأسقاكم من بركات السماء، وأنبتَ لكم من بركات الأرض، وأنبتَ لكم الزرعَ، وأدر لكم الضرع، وأمدَّكم بأموالٍ وبنينَ، أي أعطاكم الأموالَ والأولادَ وجعل لكم جنَّاتٍ فيها أنواع الثِّمار وخلَلها بالأنهار الجارية بينها "٣، إلى غير ذلك من صنوف الخيرات وأنواع العطايا والهبات، وسيأتي الكلام على الاستغفار، فضله وأهميته وفوائده في الدنيا والآخرة.

ومن آداب الدعاء المهمة أن يدعو المسلم ربَّه وهو في حال تضرُّعٍ وخشوعٍ وخضوعٍ وتَذلُّلٍ، بل إنَّ ذلك " هو روحُ الدعاء ولبُّه ومقصودُه، فإنَّ الخاشعَ الذليلَ إنَّما يسأل مسألةَ مسكين ذليل قد


١ ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري (١١/٩٨) .
٢ رواه عبد الرزاق في مصنفه (٣/٨٧) ، والطبراني في الدعاء (رقم:٩٦٤) .
٣ تفسير ابن كثير (٨/٢٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>