للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث الآخر: " اللَّهمَّ اغفر لي ذنبي كلَّه دقَّه وجُلَّه، سرَّه وعلانيته، أوَّلَه وآخره "١، وفي الحديث: " اللَّهمَّ اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به منِّي، اللَّهمَّ اغفر لي جدي وهَزلي وخطئي وعمدي وكلُّ ذلك عندي "٢، وهذا كثيرٌ في الأدعية المأثورة، فإنَّ الدعاءَ عبوديةٌ لله وافتقارٌ إليه وتذلُّلٌ بين يديه، فكلَّما كثَّره العبدُ وطوَّله وأعاده وأبداه ونوَّع جُملَه كان ذلك أبلغَ في عبوديته وإظهار فقره وتذلُّلِه وحاجته، وكان ذلك أقربَ له من ربِّه وأعظمَ لثوابه، وهذا بخلاف المخلوق، فإنَّك كلَّما كثرت سؤاله وكررت حوائجك إليه أبرمته وثقلت عليه وهنتَ عليه، وكلما تركت سؤاله كان أعظمَ عنده وأحبَّ إليه، والله سبحانه كلَّما سألته كنتَ أقربَ إليه وأحبَّ إليه، وكلَّما أَلْححت عليه في الدعاء أحبَّكَ، ومَن لَم يسأل الله يغضب عليه.

فالله يغضب إن تركتَ سؤاله وبُنَيُّ آدم حين يُسأل يغضب "٣.

وقد روي في سنن أبي داود وغيره من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُعجبه أن يدعو ثلاثاً ويستغفر ثلاثا "٤، وقال الأوزاعي رحمه الله: " كان يُقال: أفضل الدعاء الإلحاح على الله والتضرع "٥.


١ صحيح مسلم (رقم:٤٨٣) .
٢ صحيح مسلم (رقم:٢٧١٩) .
٣ جلاء الأفهام لابن القيم (ص:٢٠٣) .
٤ سنن أبي داود (رقم:١٥٢٤) ، المسند (١/٣٩٤، ٣٩٧) ، وأورده العلاَّمة الألباني رحمه الله في ضعيف الجامع (رقم:٤٩٨٤) .
٥ رواه البيهقي في شعب الإيمان (٢/٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>