للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يديه في شيء من دعائه إلاَّ في الاستسقاء، ثمَّ قال: " والجمع بين حديث أنس هذا وسائر الأحاديث ما قاله طوائف من العلماء، وهو أنَّ أنساً ذكر الرفعَ الشديد الذي يُرى فيه بياضُ إبطيه وينحني فيه بدنه، وهذا الذي سمَّاه ابنُ عباس الابتهال، فجعل المراتبَ ثلاثة: الإشارة بإصبعٍ واحدة، كما كان يفعل يوم الجمعة على المنبَر، والثانية: المسألة، وهو أن يجعل يديه حذو منكبيه، كما في أكثر الأحاديث، والثالث: الابتهال، وهو الذي ذكره أنس، ولهذا قال: " كان يرفع يديه حتى يُرى بياض إبطيه "١، وهذا الرفعُ إذا اشتدَّ كان بطون يديه مِمَّا يَلِي وجهه والأرض، وظهورُهما مما يلي السماء، ويؤيِّد هذا التأويل ما روى أبو داود في مراسيله من حديث أبي أيوب سليمان بن موسى الدِّمشقي رحمه الله قال: " لَم يحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه رفع يديه الرفع كلَّه إلاَّ في ثلاثة مواطن: الاستسقاء، والاستنصار، وعشية عرفة، ثمَّ كان بعدُ رفعاً دون رفع "٢. قال: وقد يكون أنسٌ أراد بالرفع على المنبر يوم الجمعة كما في مسلم وغيره: " أنَّه كان لا يزيد على أن يرفع إصبعه المسبِّحة "٣، قال: وفي هذه المسألة قولان هما وجهان في مذهب الإمام أحمد، يعني في رفع الخطيب يديه، قيل: يُستحب، قاله ابنُ عقيل، وقيل: لا بل يُكره، وهو أصح ". اهـ٤.

وقال الحافظ ابنُ حجر في الجمع بين حديث أنس والأحاديث الأخرى الدالة على مشروعية الرفع في سائر الأدعية: " لكن جُمع بينه


١ صحيح البخاري (رقم:١٠٣٠) ، (١٠٣١) .
٢ المراسيل (رقم:١٤٨) .
٣ انظر: صحيح مسلم (رقم:٨٧٤) .
٤ انظر: شرح ثلاثيات المسند للسفاريني (١/٦٥٣ ـ ٦٥٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>