للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ البَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ} ١، فكلُّ عبودية لغيره باطلة وعَناء وضلال، وكلُّ محبَّة لغيره عذاب لصاحبها، وكلُّ غِنًى لغيره فقرٌ وضلالٌ، وكل عِزٍّ بغيره ذُلٌّ وصَغار، وكلُّ تكثُّر بغيره قلَّة وفاقة، فهو الذي انتهت إليه الرغبات، وتوجَّهت نحوه الطلبات، وأنزلت ببابه الحاجات {يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} ٢.

وفي مدِّ اليدين إلى الله إقرارٌ بأنَّ الله كريمٌ جوادٌ محسنٌ، يجيب الداعين ويُغيث الملهوفين ويُعطي السائلين، لا يتعاظمه ذنبٌ أن يغفره، ولا حاجةٌ يُسألها أن يُعطيها، لو أنَّ أهلَ سمواته وأهل أرضه إنسهم وجِنَّهم حيَّهم وميِّتَهم رطبهم ويابسهم قاموا في صعيد واحد فسألوه فأعطى كلَّ واحد منهم ما سألَه ما نقص ذلك مما عنده مثقال ذرة، وَسِعت رحمتُه كلَّ شيء، يمينه ملأى لا تُغيضُها نفقة، سحَّاء الليل والنهار، وفي الحديث: " إنَّ ربَّكم حيِّيٌ كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً "٣.

وفي مدِّ اليدين إلى الله إقرارٌ بعلم الله، وإحاطته بخلقه، واطِّلاعه عليهم، وأنَّه لا تخفى عليه منهم خافية، لا يشغله سبحانه سمعٌ عن سمع، ولا تغلطه الأصوات على كثرتها واختلافها واجتماعها، بل هي عنده


١ سورة الحج، الآية: (٦٢) .
٢ سورة الرحمن، الآية: (٢٩) .
٣ سنن أبي داود (رقم:١٤٨٨) ، وسنن الترمذي (رقم:٣٥٥٦) ، وصححه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (رقم:١٧٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>