نصوص الكتاب والسنّة، متقرّرٌ في العقول القويمة، مجمعٌ عليه بين علماء الأمّة، ولذا كان توجّهُ الناس عند الدعاء بقلوبهم وإشارتهم ورفع أيديهم إنَّما يكون إلى العلوّ لا إلى جهة أخرى، وهذا أمرٌ فطريٌّ ضروريٌّ عقلي، يجده كلُّ داع في قلبه، فالقلب عند التوجه والسؤال والدعاء والابتهال والمناجاة له وِجهة واحدة يقصدها ويتَّجِه إليها هي إلى الله عزَّ وجلَّ في علوِّه، لا يتّجه إلى يمين أو شمال أو أسفل أو نحو ذلك، وإنَّما يتجه إلى العلوّ، وهذا أمرٌ ضروري لا ينفك منه القلب إلاَّ إذا فسد وانتكس وأظلم وتحول عن الفطرة.
ولهذا ترى في أحوال الداعين والذاكرين أنَّه يحصل من بعضهم حركة في جوارحهم اضطراراً إلى فوق إلى جهة العلو، وذلك تبعاً لحركة قلوبهم بالإشارة أو الإصبع أو العين أو الرأس أو غير ذلك من الإشارات الحسية، وهذا أمرٌ قد تواترت به السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم واتفق عليه المسلمون، ولذا تراهم يقولون بألسنتهم ارفعوا أيديكم إلى الله ونحو ذلك من العبارات، وهذا إخبار منهم عن أنفسهم أنَّهم يقصدون الإشارة إلى الله ورفع الأيدي إليه سبحانه وتعالى.
وقد تواتر من هديِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رفعُ الأيدي إلى الله في الدعاء، والإشارةُ بالسبابة من اليد اليمنى يدعو بها في خطبة الجمعة وفي التشهد في الصلاة، ورفعُ البصر إلى السماء، والإشارةُ بالإصبع إلى السماء ونحوُ ذلك.
أما رفعه يديه في الدعاء فهو ثابتٌ في أحاديث كثيرة جداً، وقد مضى معنا ذكرُ جملةٍ منها.