للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما في أكثر الأحاديث، والثالثة: الابتهال "١. اهـ. فعلى المسلم أن ينظر إلى الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فيلتزمُه ويتقيّدُ به، فهديُه صلى الله عليه وسلم خير الهدي، وليحذر المسلم من تكلّفات الناس وتجاوزاتهم في هذا الباب، فقد كان السلف رحمهم الله يحذرون من جعلِ صفة من الصفات المأثورة في غير موضعها المشروع، كمن يرفع يديه في الدعاء وهو على المنبر يوم الجمعة في غير الاستسقاء، مع أنَّ رفع اليدين في الدعاء مشروعٌ في غير هذا الموطن.

روى مسلم في صحيحه عن عمارة بن رؤيبة أنَّه رأى بشرَ بن مروان على المنبر رافعاً يديه، فقال: " قبّح الله هاتين اليدين، لقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بإصبعه المس بِّحة "٢، فكيف بمن يخترع في الرفع صفات لا أساس لها أو حركات لا أصل لها، ومن يتأمّل أحوالَ الداعين يرى منهم عجباً في هذا الباب٣.

ومن ذلك أنَّ بعض الداعين ينزل في رفعه يديه مفرّقتين أو مجموعتين إلى ما تحت السرّة أو إلى السرَّة، ولا يخفى ما في ذلك من عدم المبالاة، وقلّة الاهتمام بهذا الأمر العظيم.

ومنهم من يجعل يديه عندما يرفعهما مفرّقتين، رؤوسُ الأصابع إلى القبلة والإبهامان إلى السماء، ولا يخفى ما في ذلك من المخالفة لقول


١ انظر: ثلاثيات المسند للسفاريني (١/٦٥٣) .
٢ صحيح مسلم (رقم:٨٧٤) .
٣ انظر: تصحيح الدعاء للشيخ بكر أبو زيد (ص:١٢٦ ـ ١٢٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>