ويقول محمد بن الوليد الطرطوشي:" ومِن العَجب العُجاب أن تُعرِضَ عن الدعوات التي ذَكَرها الله في كتابه عن الأنبياء والأولياء والأصفياءِ مقرونةً بالإجابةِ، ثمَّ تنتقي ألفاظَ الشُّعراء والكتَّاب، كَأنَّك قد دعوتَ في زعمِك بجميع دعواتِهم ثمّ استعنتَ بدعوات مَن سواهم "١. اهـ.
وقد نبّه أهلُ العلم على أنَّ السماعَ على نوعين:
نوعٌ هو سماعُ لهوٍ وطربٍ، فهذا حكمه محرَّمٌ وباطلٌ، وقد بسط غيرُ واحدٍ من أهل العلم الأدلّة على منعه وتحريمه، منهم ابن القيِّم رحمه الله في كتابه إغاثةُ اللهفان.
والنوعُ الثاني: السماعُ المحدَثُ على وجهِ التديُّن والتقرُّب إلى الله تعالى، فهذا يُقال فيه إنَّه بدعةٌ ضلالةٌ، فإنَّ اللهَ جلَّ وعلا إنَّما يُتقرَّبُ إليه بما شرع لا بالأهواء والمحدثات والبدع، وقد ضمّ بعضُ هؤلاء إلى ذلك على وجه التديُّن والتقرُّب التلحينَ والتطريبَ وآلاتِ اللهو، والتصفيق والتمايل، ونحو ذلك من الأعمال التي يقومون بها ويُؤدّونها بزعمهم تقرُّباً إلى الله جلَّ وعلاَ، وطلباً لثوابه، ولا ريب أنَّ ذلك من أقبح الأعمال، وأقبح أنواع الاعتداء في الذكر والدعاء.
وهكذا صار هؤلاء يترقَّون في درجاتِ الباطل ويتمادون في الغي والضلال إلى أن بلغوا إلى هذه الحال المُزْرِية والنهاية المؤسفة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " فإنَّ أصلَ سماع القصائد كان تلحيناً بإنشاد قصائدَ مرقِّقةٍ للقلوب تحرِّك المحبةَ والشوقَ أو الخوفَ