للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخمر وغير ذلك، فلم يمكنه إلاَّ أن يقيم لهم سماعاً يجتمعون فيه بهذه النية، وهو بدفٍّ بلا صلاصل، وغناءُ المغني بشعرٍ مباح بغير شبابة، فلمَّا فعل هذا تاب منهم جماعةٌ، وأصبح مَن لا يصلي ويسرق ولا يزكي يتورَّعُ عن الشبهات، ويُؤدي المفروضات، ويتجنَّب المحرَّمات، فهل يُباح فعلُ هذا السماع لهذا الشيخ على هذا الوجه لِما يترتَّب عليه من المصالح مع أنَّه لا يمكنه دعوتهم إلاَّ بهذا؟

فقال رحمه الله في جوابه على هذا السؤال: " إنَّ الشيخَ المذكورَ قصد أن يُتوِّب المجتمعين على الكبائر فلم يُمكنه ذلك إلاّ بما ذكره من الطريق البدعي، يدلُّ أنَّ الشيخَ جاهلٌ بالطرق الشرعية التي بها تتوبُ العصاة، أو عاجزٌ عنها، فإنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم والصحابةَ والتابعين كانوا يدعون مَن هو شرٌّ من هؤلاء مِن أهل الكفر والفسوقِ والعصيان بالطرق الشرعية التي أغناهم الله بها عن الطرق البدعية، فلا يجوز أن يُقال إنَّه ليس في الطرق الشرعية التي بعث الله بها نبيَّه ما يتوب به العصاة، فإنَّه قد عُلم بالاضطرار والنقل المتواتر أنَّه قد تاب من الكفر والفسوق والعصيان مَن لا يُحصيه إلاَّ الله تعالى من الأمم بالطرق الشرعية التي ليس فيها ما ذكر من الاجتماع البدعي بل السابقون والأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان وهم خيرُ أولياء الله المتقين من هذه الأمة تابوا إلى الله تعالى بالطرق الشرعية، لا بهذه الطرق البدعية، وأمصارُ المسلمين وقراهم قديماً وحديثاً ممَّن تاب إلى الله واتَّقاه، وفعل ما يحبُّه الله ويرضاه بالطرق الشرعية لا بهذه الطرق البدعية، فلا يُمكن أن يُقال إنَّ العصاةَ لا تمكن توبتهم إلاَّ بهذه

<<  <  ج: ص:  >  >>