للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنكروه، وقد مرَّ قولُ الإمام الشافعي والإمام أحمد رحمهما الله في ذلك، فمَن فعل هذه الأمورَ على وجه الديانة والتقرُّبِ إلى الله عزَّ وجلَّ فلا ريب في ضلالته وجهالته وانحرافه عن الصراط المستقيم.

وأمَّا إذا فعلها الإنسان على وجه التمتُّع واللعب، فمذهبُ الأئمة الأربعة أنَّ آلات اللَّهو كلَّها حرامٌ، فقد ثبت في صحيح البخاري وغيره: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أخبر أنَّه سيكون من أمته من يستحلُّ الحرَ والحريرَ والخمرَ والمعازف١، والمعازفُ هي الملاهي، جمع معزفة، وهي الآلة التي يُعزف بها، أي يُصوَّت بها، ولا خلاف بين أهل العلم وأئمة السلف في تحريم ذلك٢.

وينبغي أن يُعلم أنَّ ثمَّةَ فرقاً بين مَن يفعل هذه الأمور على وجه اللهو واللعب، وبين من يفعلها على وجه التديُّن والتعبُّد، فإنَّ الأولَ يفعل ذلك وهو لا يعدُّه من صالح عمله، ولا يرجو به الثواب، بل ربَّما كان يفعله وهو يشعر بالذنب والخطأ، أما مَن فعله على وجه التقرُّب والتعبُّد، وأنَّه طريقٌ إلى الله تعالى، فإنَّه يتَّخذه دِيناً، وإذا نُهي عنه كان كمن يُنهى عن دينه، ورأى أنَّه قد انقطع عن الله، وحرم نصيبَه من الله تعالى إذا تركه، فهؤلاء ضلاَّلٌ باتفاق المسلمين، وهذا الأمر أحبُّ إلى إبليس من الأول؛ لأنَّ العاصيَ يعلمُ أنَّه عاصٍ فيتوب، والمبتدعُ يحسب أنَّ الذي يفعله طاعة فلا يتوب، فالبدعةُ أحبُّ إلى إبليس من المعصية، حمانا الله وإياكم منه، وهدانا إلى صراطه المستقيم.


١ صحيح البخاري (رقم:٥٥٩٠) .
٢ انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (١١/٥٥٧ ـ ٥٨٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>