للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمير الجمع في هذا الدعاء ـ كما بيَّن ذلك ابن القيم رحمه الله ـ ليكون مطابقاً لقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، " والإتيان بضمير الجمع في الموضعين أحسن وأفخم، فإنَّ المقامَ مقامُ عبودية وافتقار إلى الربِّ تعالى وإقرار بالفاقة إلى عبوديته واستعانته وهدايته، فأتى به بصيغة ضمير الجمع، أي: نحن معاشر عبيدك مُقرُّون لك بالعبودية "١.

وأما القسم الثاني من أقسام الدعاء باعتبار المدعو له، فهو أن يدعو المسلم لغيره بالهداية أو المغفرة أو نحو ذلك، كقوله صلى الله عليه وسلم في دعائه لأنس بنِ مالك رضي الله عنه: " اللَّهمَّ أَكْثِر مالَه وولدَه، وبارك له فيما رزقته "٢، وكقوله صلى الله عليه وسلم في دعائه لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: " اللَّهمَّ اجعله هادياً مهدياً، واهده واهدِ به "٣، وهذه تُعدُّ منقبةٌ عظيمةٌ لهذا الصحابيِّ الجليل، الذي هو خال المؤمنين، وكاتب وحي ربِّ العالمين، وأحد خلفاء المسلمين، وأول ملوكهم، وخير ملوكهم رضي الله عنه وأرضاه، ومن ذلك أيضاً قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم في دعائه له: " اللَّهمَّ علِّم معاويةَ الكتاب والحساب وَقِهِ العذاب "٤.

القسم الثالث: أن يدعو لنفسه ولغيره، فيبدأ بالدعاء لنفسه أولاً ثمَّ يدعو لغيره؛ لحديث أُبيِّ بن كعب رضي الله عنه: " أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان


١ انظر: بدائع الفوائد (٢/٣٩) .
٢ صحيح البخاري (رقم:٦٣٧٨) ، وصحيح مسلم (رقم:٢٤٨٠) .
٣ المسند (٤/٢١٦) ، وسنن الترمذي (رقم:٣٨٤٢) ، والطبقات الكبرى لابن سعد (٧/٢٩٢) ، واللفظ له، وصححه العلامة الألباني رحمه الله في الصحيحة (رقم:١٩٦٩) .
٤ المسند (٤/١٢٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>