للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: " لله أشدُّ فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلتِه بأرضِ فلاةٍ، فانفلتت منه، وعليها طعامُه وشرابُه، فأيِس منها، فأتى شجرةً، فاضطجع في ظلِّها، قد أيِسَ من راحلتِه، فبينما هو كذلك، إذ هو بها قائمةً عنده، فأخذ بِخِطامها، ثمَّ قال ـ من شدَّةِ الفرَح ـ: اللَّهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك، أخطأ من شدَّةِ الفرح "، رواه مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه١.

ولا ينبغي للمسلم أن يُؤخِّرَ التوبةَ ويُؤجِّلَها ويسوِّف فيها، بل الواجبُ المبادرةُ والمسارعةُ، فإنَّ المرءَ لا يدري ما يَعرِضُ له في هذه الحياة، ولا يزالُ بابُ التوبةِ مفتوحاً للعبدِ ما لَم يُغرْغِر، قال الله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} ٢، وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ اللهَ تعالى يقبلُ توبةَ العبدِ ما لَم يُغَرْغِر " ٣، أي: ما لَم تبلغ روحُه حلقومَه.

وكذلك لا يقبل الله توبةَ العبد إذا طلعت الشمس من مغربِها، ففي المسند للإمام أحمد وسنن أبي داود عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تنقطعُ الهجرةُ حتى تنقطعَ التوبةُ، ولا تنقطعُ التوبةُ حتى تطلعَ الشمسُ من مغربِها "٤.


١ صحيح مسلم (رقم:٢٧٤٧) .
٢ سورة النساء، الآية: (١٨) .
٣ المسند (٢/١٣٢، ١٥٣) .
٤ المسند (٤/٩٩) ، وسنن أبي داود (رقم:٢٤٧٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>