للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الطبراني عن صفوان بن عسَّال رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّ للتوبةِ باباً عرضُ ما بين مِصراعَيْه ما بين المشرق والمغرب، لا يُغلقُ حتى تطلعَ الشمسُ من مغربِها "، حسَّنه الألباني رحمه الله١.

ولهذا فإنَّ الواجبَ على الإنسانِ أن يُبادر إلى التوبةِ قبل فواتِ أوانها، وقبل أن يُحال بينه وبينها، ولا يجوز له تأخيرُها في أيِّ حال من الأحوال، بل إنَّ تأخيرها يُعدُّ معصيةً ينبغي أن يُتاب منها.

قال العلاَّمةُ ابنُ القيِّم رحمه الله: " إنَّ المبادرةَ إلى التوبةِ من الذنب فرضٌ على الفَور، ولا يجوز تأخيرُها، فمتى أخَّرَها عصى اللهَ بالتأخيرِ، فإذا تاب من الذنب بقيَ عليه توبةٌ أخرى، وهي توبتُه من تأخير التوبةِ، وقلَّ أن تخطُرَ هذه ببالِ التائبِ، بل عنده أنَّه إذا تاب من الذنب لَم يبق عليه شيءٌ آخر، وقد بقيَ عليه التوبةُ من تأخير التوبةِ، ولا يُنجي مِن هذا إلاَّ توبةٌ عامة، مِمَّا يَعلَمُ من ذنوبه ومِمَّا لا يَعلَم، فإنَّ ما لا يَعلمه العبدُ من ذنوبه أكثرُ مِمَّا يعلمه، ولا ينفعه في عدم المؤاخذة بها جهلُه إذا كان مُتمكِّناً من العلمِ، فإنَّه عاصٍ بترك العلمِ والعمل، فالمعصيةُ في حقِّه أشدُّ، وفي المسند للإمام أحمد، والأدب المفرد للبخاري أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: " الشركُ في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل، فقال أبو بكر: فكيف الخلاصُ منه يا رسول الله؟ قال: أن تقول: اللَّهمَّ إنِّي أعوذ بك أن أُشركَ بك وأنا أعلمُ، وأستغفرُك لِما لا أعلم "٢، فهذا طلب


١ المعجم الكبير (٨/٦٥) (رقم:٧٣٨٣) ، وصحيح الجامع (رقم:٢١٧٧) .
٢ المسند (٤/٤٠٣) ، والأدب المفرد (٧١٦) ، وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الأدب (رقم:٥٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>