والثاني: إجماع العزم والصدق بكليَّته عليها، بحيث لا يبقى عنده تردُّدٌ ولا تلوُّمٌ ولا انتظارٌ، بل يجمع عليها كلَّ إرادته وعزيمتِه مبادراً بها.
الثالث: تخليصُها من الشوائب والعلل القادحة في إخلاصِها، ووقوعُها لمحضِ الخوفِ من الله وخشيتِه والرغبة فيما لديه والرهبة ممَّا عنده، لا كمَن يتوب لحِفظ جاهه وحُرمتِه ومنصِبه ورياستِه، ولحفظ حاله، أو لحفظ قوَّته وماله، أو استدعاء حمدِ الناس، أو الهربِ من ذمِّهم، أو لئلاَّ يتسلط عليه السفهاء، أو لقضاء نهمته من الدنيا، أو لإفلاسِه وعجزه، ونحوِ ذلك من العلل التي تقدح في صحتها وخلوصِها لله عزَّ وجلَّ.
فالأول يتعلَّق بما يتوب منه، والثالث يتعلَّق بمَن يتوب إليه، والأوسطُ يتعلَّق بذات التائبِ ونفسِه١، وبهذه الأمورِ الثلاثة يكون العبدُ قد أتى بأكمل ما يكون من التوبةِ، والتوفيق بيد الله وحده، فنسأله أن يَمُنَّ علينا بالتوبة النصوح، وأن يهدينا سواء السبيل.