للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصارى، ثم أنتم تعملون من العصر إلى المغرب بقيراطين قيراطين، قالوا: نحن أكثر عملا وأقل عطاء، قال: هل ظلمتكم من حقّكم، قالوا: لا، قال: فذاك فضلي أوتيه من شئتُ"١.

قال ابن كثير رحمه الله: "ومناسبته للترجمة أنَّ هذه الأمة مع قصر مدّتها فَضَلَت الأمم الماضية مع طول مدّتها، كما قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} ٢ وفي المسند والسنن عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتم تُوفُّون سبعين أمّة، أنتم خيرُها وأكرمُها على الله "٣، وإنَّما فازوا بهذا ببركة الكتاب العظيم: القرآن الذي شرّفه الله على كلِّ كتاب أنزله وجعله مهيمنًا عليه، وناسخاً له وخاتمًا له، لأنَّ كلَّ الكتب المتقدّمة نزلت إلى الأرض جملةً واحدةً، وهذا القرآن نزل مُنجَّماً بحسب بحسب الوقائع لشدّة الاعتناء به وبمن أنزل عليه، فكل مرّة كنزول كتاب من الكتب المتقدّمة.

وأعظم الأمم المتقدّمة هم اليهود والنّصارى، فاليهود استعملهم الله من لدن موسى إلى زمن عيسى عليهما السلام، والنّصارى من ثمّ إلى أن بعث محمّداً صلى الله عليه وسلم، ثم استعمل أمّته إلى قيام الساعة، وهو المُشَبَّه بآخر النهار، وأعطى المتقدّمين قيراطًا قيراطًا، وأعطى هؤلاء قيراطين قيراطين، ضعفي ما أعطى أولئك، فقالوا: أيْ ربَّنا، ما لنا أكثر عملاً


١ صحيح البخاري (رقم:٥٠٢١) .
٢ سورة أل عمران، الآية: (١١٠) .
٣ المسند (٥/٣) ، سنن الترمذي (رقم:٣٠٠١) ، سنن ابن ماجه (رقم:٤٢٨٨) ، وحسنه العلامة الألباني في صحيح الجامع (رقم:٢٣٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>