للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} ١.

قال ابن كثير - رحمه الله - في معنى الآية: "يقول تعالى فسَدِّد وجهك واستمر على الدِّين الذي شرعه الله لك من الحنيفية ملَّة إبراهيم الذي هداك الله لها وكمّلها لك غاية الكمال، وأنت مع ذلك لازمٌ فطرتَك السليمة التي فطر الخلقَ عليها، فإنَّه تعالى فطر خلقَه على معرفته وتوحيده، وأنَّه لا إله غيره"٢ اهـ كلامه رحمه الله.

فهذا الأصل في جميع الناس، ومن خرج عن هذا الأصل فلعارض عَرَضَ لفطرته فأفسدها، كما في حديث عياض المجاشعي رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربِّه أنَّه قال: "إنَّي خَلقْتُ عبادي حُنفاء كلَّهم، وإنَّهم أَتَتْهُم الشياطينُ فاجْتَالَتْهم عن دينهم، وحرَّمَتْ عليهم ما أحْلَلْتُ لهم، وأمَرَتْهم أن يُشركوا بي ما لَم أُنزِل به سلطاناً" رواه مسلم في صحيحه٣.

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا من مَولُود إلاَّ يُولَد على الفطرة، فأبواه يُهَوِّدانه أو يُنَصِّرانه أو يُمَجِّسانه"٤.

ولا شكَّ أنَّ نعمة الله على عبده عظيمةٌ أن يُصبحَ حين يُصبحُ وهو على فطرة سليمة لَم يُصبها تَلَوُّثٌ أو تَغَيُّر أو انحرافٌ.

وقوله: "وكلمة الإخلاص" أي: وأصبحنا على كلمة الإخلاص، وهي كلمة التوحيد لا إله إلاَّ الله، تلكم الكلمةُ العظيمة الجليلة التي هي أفضلُ


١ سورة: الروم، الآية (٣٠) .
٢ تفسير ابن كثير (٦/٣٢٠) .
٣ صحيح مسلم (رقم:٢٨٦٥) .
٤ صحيح البخاري (رقم:١٣٥٩) ، وصحيح مسلم (رقم:٢٦٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>