للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلمات العظيمة وأجلُّها على الإطلاق، بل هي رأس الدِّين وأساسُه ورَأسُ أمره، لأجلها خُلقت الخليقة، وأُرْسِلَت الرُّسُل، وأنزِلت الكُتب، وبها افترق الناسُ إلى مؤمنين وكفار، وهي زُبدة دعوة المرسلين وخلاصة رسالاتِهم، وهي أعظم نعم الله على عباده، وفي هذا يقول سفيان بن عيينة رحمه الله: "ما أنعم الله على عبد من العباد نعمةً أعظم من أن عرَّفهم لا إله إلاَّ الله"١.

وكلمة لا إله إلاَّ الله هي كلمةُ إخلاصٍ وتوحيد، ونبذٍ للشرك، وبراءةٍ منه ومن أهله، قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ٢.

وإذا أصبح العبدُ وهو على هذه الكلمة العظيمة لَم يُغيِّر ولَم يُبَدِّل فقد أصبح على خير حال، ولعِظَم شأن بدء اليوم بهذه الكلمة العظيمة جاء الحثُّ على الإكثار من قولها مرات عديدة كلَّ صباح، وقد سبق ذكرُ أجر مَن قالها حين يصبح عشر مرات، وأجرِ من قالها حين يصبح مائة مرة.

وقوله: "وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم" أي: وأصبحنا على ذلكم الدين العظيم الذي رضيه الله لعباده ديناً، وبعث به نبيه الكريم محمداً صلى الله عليه وسلم، وقال فيه سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً} ٣، وقال سبحانه: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الأِسْلامُ} ٤،


١ ذكره ابن رجب في كلمة الإخلاص (ص:٥٣) .
٢ سورة: الزخرف، الآية (٢٦ - ٢٨) .
٣ سورة: المائدة، الآية (٣) .
٤ سورة: آل عمران، الآية (١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>