للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روى هذا الحديث جمعٌ من الصحابة، منهم عليُّ بن أبي طالب، وابنُ عباس، وابن مسعود، وابنُ عمر، وأبو هريرة، وأنس بن مالك، وعبد الله ابن سلاَم، والنّواس بن سمعان، وعمران بن حُصين، وجابر بن عبد الله وغيرُهم رضي الله عنهم أجمعين١، وهو حديث ثابتٌ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ونظراً لأهميَّة هذا الوقت وعِظَم بركتِه وكثرة ما فيه من خيرٍ، فإنَّ السلفَ رحمهم الله كانوا يكرهون النَّومَ فيه وإضاعتَه بالكسل والعجز، يقول ابن القيم رحمه الله ـ وهو العلاَّمة المُربِّي ـ في كتابه مدارج السالكين: "ومِن المكروه عندهم ـ أي السلفُ رحمهم الله ـ النَّومُ بين صلاة الصبح وطلوع الشمس؛ فإنَّه وقتُ غنيمَة، وللسير ذلك الوقت عند السالكين مزيَّةٌ عظيمةٌ، حتى لو ساروا طول ليلِهم لَم يسمحوا بالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تطلع الشمسُ، فإنَّه أوَّلُ النهار ومفتاحُه، ووقتُ نزول الأرزاق، وحصولِ القَسْم، وحلول البركة، ومنه ينشأ النهار، وينسحبُ حكمُ جميعه على حكم تلك الحصَّة، فينبغي أن يكون نومُها كنوم المضطر" اهـ٢.

ومِن الآثار الواردة عن السلف ـ رحمهم الله ـ في هذا المعنى ما روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنَّه رأى ابناً له نائماً نومةَ الصُّبحة، فقال له: "قُم، أتنامُ في الساعة التي تقسَّم فيه الأرزاق"٣.

وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنَّه قال: "النَّومُ على ثلاثة أوجه، نوم خُرْق، ونوم خُلْق، ونوم حُمْق؛ فأمَّا النوم


١ انظر: صحيح الترغيب والترهيب (٢/٣٠٨) .
٢ مدارج السالكين (١/٤٥٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>