ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"وأمَّا مسحُه وجهَه بيديه فليس عنه فيه إلاَّ حديثٌ أو حديثان لا تقوم بهما حجةٌ"١.
وقولها:"يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده" فيه بيانٌ أنَّ السُّنَّةَ أن يبدأَ المسلمُ بأعالي بدنه، فيمسحَ على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، ثم ينتهي إلى ما أدبر منه.
والسُّنَّة أن يفعلَ ذلك المسلمُ ثلاثَ مرَّات تأسياً بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ثم إنَّ السورةَ الأولى من هذه السور الثلاث قد اشتملت على ذكر صفة الرَّبِّ جلَّ شأنُه، بل أخلصت لبيان تلك الصفة، ولهذا سُمِّيت سورة الإخلاص؛ لأنَّها مشتملةٌ على إخلاص التوحيد العلمي لله تبارك وتعالى، ولو قيل لأحد مَن هو الله؟ فاكتفى في الجواب على هذا السؤال بتلاوة هذه السورة لكان الجوابُ وافياً كافياً، والأحدُ هو المتفرد بالكمال والجلال، الذي له الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا والأفعال المقدَّسة العظيمة الذي لا نظير له ولا مثيل، والصمدُ أي: المقصود في جميع الحوائج، فأهلُ العالَم العلوي والسُّفلي مفتقرون إليه غايةَ الافتقار، يسألونه حوائجَهم ويَرغبون إليه في مهماتهم؛ لأنَّه العظيمُ الكامل في جميع أوصافه ونعوته، ومن كماله سبحانه أنَّه {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} لكمال غناه، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} لا في أسمائه ولا في أوصافه ولا في أفعاله تبارك وتعالى.
وأمَّا المعوِّذتان ففيهما التعوُّذُ بالله عز وجل من الشرور جميعها والآفات كلِّها، فسورة الفلق فيها التعوذ بالله العظيم {بِرَبِّ الْفَلَقِ} أي: فالق الحبِّ والنَّوى وفالق الإصباح، {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} وهذا يشمل جميعَ ما خلق الله