للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيِّنات والدلالات الباهرات على كمال خالقها وعظمةِ مُبدِعها، وإلاَّ فإنَّ جميعَ المخلوقات صغيرها وكبيرها، دقيقها وجليلها فيها آيةٌ بيّنةٌ على كمال الخالق سبحانه.

وفي كلِّ شيء له آية

تدل على أنَّه الواحد

ولهذا عقَّب هذا الدعاء بقوله: "رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ" وهذا تعميمٌ بعد تخصيص؛ لئلاَّ يُظنَّ أنَّ الأمر مختصٌّ بما ذُكر.

وقوله: "رَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ" فيه دلالة على عظمة العرش، وأنَّه أعظمُ المخلوقات، وقد جاء في الحديث عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "ما الكرسيُّ في العرش إلاَّ كحلقة من حديدٍ أُلقيت بين ظهري فلاةٍ من الأرض"١، وإذا كان هذا المخلوق بهذه العظمة والمجد والسَّعَة، فكيف بخالقه ومُبدِعه سبحانه.

وقوله: "فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى" من الفلْق وهو الشَّقُّ، أي: الذي يشقُّ حبَّة الطعام ونوى التمر وغيره لتخرج الأشجار والزروع، فإنَّ النباتات إمَّا أشجارٌ أصلها النّوى، أو زروعٌ أصلها الحَبُّ، والله سبحانه لكمال قُدرته وبديع خلقه هو الذي يفتح هذا الحبَّ والنَّوى اليابس الذي كالحجر لا ينمو ولا يزيد، فينفرج وتخرج منه الزروعُ العظيمةُ والأشجارُ الكبيرة، وفي هذا آيةٌ باهرةٌ على كمال المًبدِع وعظمةِ الخالقِ سبحانه، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} ٢) .


١ رواه أبو نعيم في الحلية (١/١٦٦) وأبو الشيخ في العظمة (٢/٦٤٨ ـ ٦٤٩) والبيهقي في الأسماء والصفات (٢/٣٠٠ ـ ٣٠١) وغيرهم، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في السلسلة الصحيحة (رقم:١٠٩) بمجموع طرقه.
٢ سورة: الأنعام، الآية (٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>