للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ القُرْآنُ} وقوله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} ، وقوله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ} ، وقد أنزل في شوّال وفي ذي القعدة وفي ذي الحجة وفي المحرّم وصفر وشهر ربيع؟ فقال ابن عباس: "إنَّه نزل في رمضان في ليلة القدر، وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل على مواقع النّجوم ترتيلاً في الشّهور والأيّام"١.

إنَّ الحكمة في هذا النزول هي تعظيم القرآن الكريم وتعظيم أمر مَن نزل عليه وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعظيم الشهر الذي نزل فيه وهو شهر رمضان، واللَّيلة التي نزل فيها وهي ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر، يقول الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ، لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ المَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِن كُلِّ أَمْرٍ سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ} .

ثم إنَّ ما تقدّم لَيدلُّ أعظم دلالة على عظم شأن شهر الصوم، شهر رمضان المبارك، وأنَّ له خصوصية بالقرآن الكريم، إذ فيه حصل للأمّة من الله هذا الفضل العظيم، نزول وحيه العظيم، وكلامه الكريم المشتملِ على الهداية {هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقَانِ} ٢ الهداية لمصالح الدين والدنيا، وفيه تبيان الحقِّ بأوضح بيان، وفيه الفرقان بين الهدى والضلال، والحق والباطل، والظلمات والنّور.

فحقيقٌ بشهرٍ هذا فضلُه وهذا إحسانُ الله على عباده فيه أن يعظِّمه العباد وأن يكون موسمًا لهم للعبادة وزادًا ليوم المعاد.


١ تفسير ابن أبي حاتم (١/٣١٠) .
٢ سورة البقرة، الآية: (١٨٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>