للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن السني في عمل اليوم والليلة عن محمد بن المنكدر قال: جاء رجلٌ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فشكا إليه أهاويلَ يراها في المنام، فقال: "إذا أَوَيتَ إلى فراشك فقل: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ، وَمِن شَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ"١.

فهذا دعاءٌ عظيمٌ أرشَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَن يُصاب في نومه بشيء من الفزع والخوفِ، بسبب ما قد يرى في منامه من الأشياء المخوفة أن يقوله ليذهب عنه فزعُه، ولتطمئنَّ نفسُه، وليسكنَ ويهدأَ في نومه، ولينصرفَ عنه خوفُه وروعُه، وهو دعاءٌ عظيم مبارَك، يعلن فيه العبدُ التجاءَه إلى الله واحتماءَه به وفرارَه إليه من غضبه وعقابه سبحانه، ومن شرِّ عبادِه، ومن همزات الشياطين ومن أن يحضروا العبد، سواء في نومه أو في كلِّ أحواله.

وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنَّ مَن قاله لا تضرُّه الشياطين، بل يكون في عافية وسلامة منها.

وقوله: "أعوذ بكلمات الله التَّامَّة": أي: ألتجئُ، فالاستعاذةُ التجاءٌ إلى الله واعتصامٌ به، والعائذُ بالله فارٌّ من كلِّ ما يؤذيه إلى ربِّه سبحانه الذي بيده أزِمةُ الأمور وتدبيرُ الخلائق، وكلماتُ الله التَّامَّة أي: التي لا يلحقُها نقصٌ ولا عيبٌ كما يلحقُ كلامَ البشر.

وقوله: "من غضبه وعقابه" الغضب صفةٌ فعليَّةٌ ثابتةٌ لله تبارك وتعالى، وَصَفَ بها نفسَه في كتابه، ووصَفَه بها رسولُه صلى الله عليه وسلم في سنَّته، وهو جلَّ وعلا يغضب ويرضى ويحبّ ويبغض، وله صفاتٌ فعليّةٌ كثيرةٌ وردت في الكتاب


١ عمل اليوم والليلة لابن السني (رقم:٧٤٢) ، وراجع السلسلة الصحيحة (رقم:٢٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>