والسُّنَّة، ومنهج أهل السنَّة وهو المنهجُ الحقُّ الذي ينبغي أن يكون عليه كلُّ مسلم تجاه هذه الصفات أنَّهم يُثبتونها لله كما أثبتها سبحانه لنفسه وكما أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم دون أن يخوضوا في شيء منها بتحريفٍ أو تعطيلٍ أو تكييف أو تمثيل، فهم يُؤمنون بأنَّ الرَّبَّ العظيم يغضبُ، ويتعوَّذون به سبحانه من غضبه ومن كلِّ شيءٍ يُغضِبه، ويُجاهدون أنفسَهم على البُعدِ عن كلِّ ما يُغضِبه سبحانه ويوجبُ عقابه.
وإنَّ مِمَّا يُغضبُ الرَّبَّ ويوجبُ عقابه أن يلجأ العبدُ في مُلمَّاته وعند خوفه وفزعه إلى غيرِه سبحانه، وكيف يليقُ بالعبد الضَّعيف أن يلجأ إلى عبدٍ ضعيف مثلِه، وكيف يلجأ المخلوقُ إلى مخلوقٍ مثلِه ويَدَعُ ربَّ العالَمين وخالقَ الخلق أجمعين، وهنا ندرك ضَحالة عقولِ وتفاهةَ أفكارِ مَن يذهبون في مُلمَّاتِهم وعند فزَعهم إلى الكهنة والعرَّافين والدجاجلة والمشعوذين والسَّحرة والمنجِّمين وغيرِهم من إخوان الشياطين، يشكون إليهم حالَهم، ويُنزلون بأبوابهم حاجتَهم، ويطلبون منهم تخليصَهم من كربتِهم وإنجاءهم من فزعهم، إلى غير ذلك من الأمور التي لا تُطلبُ إلاَّ من الله ولا يُلجأ فيها إلاَّ إليه وحده {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} ١، فهل يجيب المضطَرَّ الذي أقلقته الكروبُ وتعسَّر عليه المطلوب، واضطر للخَلاص مِمَّا هو فيه إلاَّ الله وحده وهل يكشف السوءَ الذي يُصيب الإنسانَ ويَحِلُّ به إلاَّ الله وحده ولكنْ تذَكُّرُ الناسِ لهذا الأمر قليلٌ، وتدبُّرُهم له ضعيف، وإلاَّ لَمَا أقبلوا على غير الله، ولَمَا لجاءوا إلى أحدٍ سواه.