وغيري بأن أعتدي عليه أو أتصرَّف في ملكه بغير حقٍّ أو أناله بشيء من الأذى والسوء.
وقوله:"أو أُظلَم" أي: أن يظلِمنِي أحدٌ من الناسِ في نفسي أو مالي أو عِرضي.
وقوله:"أو أَجهل أو يُجهل عليَّ" من الجهل، وهو ضدُّ العلم.
وقوله:"أجهل" أي: أفعلُ فِعل الجهلاء، أو أشتغل في شيء لا يعنِينِي، أو أجهلَ الحقَّ الواجب عليَّ.
وقوله:"أو يُجهل عليَّ" أي: أن يجهل غيري عليَّ بأن يُقابِلَنِي مقابلة الجهلاء بالسفاهة والوقاحة والسِّباب ونحو ذلك.
ومَن سلِم من الغلط مع غيره في شيء من هذه الخصال ومن أن يَغلطَ معه غيرُه في شيء منها فقد عوفِي وعوفي الناسُ منه، فالحديث فيه التعوُّذُ من هذه الأمور من الطرفين، من طرف المتعوِّذ نفسِه، ومن طرف الناس الذين يلقاهم ويحتكُّ بهم، وكان بعضُ السَّلف يقول في دعائه:"اللَّهمَّ سلِّمنِي وسلِّم منِّي"١، ومَن كان هذا شأنُه سالِماً من شرِّ الناس، والناسُ سالِمون من شرِّه فهو على خير عظيم.
فهذا دعاءٌ عظيم ينبغي على المسلم أن يُحافظَ عليه كلَّما خرج من منزله؛ ليكون ملتجئاً إلى الله ومعتصماً به سبحانه من أن يناله شيءٌ من تلك الأمور، ثم عليه مع هذا الالتجاء أن يأخذَ بالأسبابِ فيحذرَ أشدَّ الحَذر من الضلال والزلل والظلم والجهل، فيكون بذلك جامعاً بين فعل الأسباب والاستعانة عليها بالله تبارك وتعالى.
١ ذكره ابن رجب في كتابه: شرح حديث لبيك اللهمَّ لبيك (ص:١٠٢) .