للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذِّكر والدعاء، ففي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "أنَّ رجلاً مرَّ ورسول الله يبول، فسلَّم عليه، فلَم يردَّ عليه" ١، وفي الحديث دلالةٌ على أنَّ المسلمَ لا ينبغي له أن يتكلَّم وقت قضاء الحاجة؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَم يردَّ عليه بشيء، ولا ينبغي له كذلك أن يشتغل بشيء من الذِّكر والدعاء، والسلامُ ذِكرٌ ودعاء، والنبيِّ صلى الله عليه وسلم لَم يردَّ السلام على هذا المسلِّم.

فهذه جملةٌ من الآداب العظيمة لقضاء الحاجة ندب إليها الإسلامُ وحثَّت عليها الشريعة، وهي تدلَّ على كمال هذا الدِّين وحسنه وجماله.

ثمَّ إنَّ المسلمَ يُستحبُّ له إذا خرج من الخلاء أن يقول: غفرانك؛ لما رواه الإمام أحمد وأهل السنن عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ مِنَ الخَلاَءِ قَالَ: غُفْرَانَكَ "٢.

وقوله: "غُفْرَانَكَ" في هذا المقام قيل في معناه: أي "خوفاً من تقصيره في أداء شكر هذه النعمة الجليلة أن أطعمه ثم هضمه ثم سهَّل خروجه، فرأى شكره قاصراً عن بلوغ حقِّ هذه النعمة، فتداركه بالاستغفار"٣.

اللَّهمَّ اغفر ذنوبنا وأعنَّا على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.


١ صحيح مسلم (رقم:٣٧٠) .
٢ المسند (٦/١٥٥) ، سنن أبي داود (رقم:٣٠) ، وسنن الترمذي (رقم:٧) ، وسنن ابن ماجه (رقم:٣٠٠) ، وحسَّنه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع (رقم:٤٧٠٧) .
٣ انظر: الفتوحات الربانية لابن علاَّن (١/٤٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>