الكريم فيه ذكر للأخبار السابقة واللاَّحقة، وذِكرٌ يُتَذكّرُ به ما لله تعالى من الأسماء والصفات الكاملة، ويتذكّر به أحكام الأمر والنهي وأحكام الجزاء، وهذا أيضا ممّا يدلّ على أنَّ القرآن مشتملٌ على أحسن ما يكون من الأحكام التي تشهد العقول والفطر بحسنها وكمالها.
إنَّ كتاباً هذا بعض شأنه لحريٌّ بكل مسلم أن يعظّمه ويقدره حق قدره، ويتلوه حق تلاوته بتدبر آياته والتفكر والتعقل لمعانيه، وبالعمل بما يقتضيه، وكما يقول العلاّمة ابن القيِّم رحمه الله:"فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبّر والتفكّر فإنَّه جامعٌ لجميع منازل السائرين وأحوال العاملين ومقامات العارفين، وهو الذي يورث المحبة والشوق والخوف والرجاء والإنابة والتوكل والرضا والتفويض والشكر والصبر وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله، وكذلك يزجر عن جميع الصفات والأفعال المذمومة التي بها فساد القلب وهلاكه. فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبّر لاشتغلوا بها عن كلِّ ما سواها، فإذا قرأه بتفكر حتى مرّ بآيةٍ وهو محتاجٌ إليها في شفاء قلبه كرّرها ولو مائة مرّة ولو ليلة، فقراءة آيةٍ بتفكّرٍ وتفهّمٍ خيرٌ من قراءة ختمةٍ بغير تدبّر وتفهُّم، وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن"١. اهـ كلامه رحمه الله.
وهو كما ترى واف الدلالة عظيم الفائدة، ومن كان في قراءته للقرآن على هذا الوصف أثّر فيه القرآن غاية التأثير وانتفع بتلاوته تمام الانتفاع، وكان بذلك من أهل العلم والإيمان الراسخين، وهذا هو