للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخبر سبحانه بأنَّه لو أنزل القرآن الكريم على جبل لخشع وتصدّع من خشية الله عز وجل، وجعل هذا مثلاً للنّاس يبيِّن لهم عظمة القرآن وقوّة أثره فقال تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا القُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} ١.

ثم مع هذا فإنَّ الله تعالى قد حذّر عباده من الإعراض عن القرآن الكريم أشدَّ التحذير، وبيّن لهم خطورة ذلك، وما يجنيه مَن فَعلَ ذلك من الإثم والوزر الذي يحمله معه يوم القيامة بسبب إعراضه عن القرآن وعدم تلقّيه بالقبول والتسليم، يقول الله تعالى: {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً، مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ القِيَامَةِ وِزْراً، خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ ِحْملاً} ٢، فإذا كان القرآن ذكرًا للرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأمّته، فيجب تلقّيه بالقبول والتسليم والانقياد والتعظيم، وأن يُهتدى بنوره إلى الصراط المستقيم، وأن يُقبل عليه بالتعلّم والتعليم، وأما مقابلته بالإعراض والصدود، أو بما هو [أخطر] من ذلك من الإنكار والجحود، فإنَّه كفرُ لهذه النعمة يستحق فاعله العقوبة.

ولهذا قال تعالى: {مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ القِيَامَةِ وِزْراً} ٣، وقوله في الآية: {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً} فيه وصف للقرآن الكريم بأنَّه ذكر، وقد مرّ معنا آيات كثيرة في هذا المعنى، وهذا يعني أنَّ القرآن


١ سورة الحشر، الآية: (٢١) .
٢ سورة طه، الآية: (٩٩ ـ ١٠١) .
٣ سورة طه، الآية: (١٠٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>