للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْمَلُونَ} ١، وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ٢، والعبدُ كلَّما كان عظيمَ المعرفة بالله وأسمائه وصفاته زادت خشيتُه له، وعَظُمت مراقبتُه له، وازدادَ بُعْداً عن معصيته والوقوع فيما يسخطه، كما قال بعض السلفُ: "من كان بالله أعرفَ كان منه أخوف"، ولهذا فإنَّ أعظمَ ما يَطرُدُ الهمَّ والحزنَ والغمَّ أن يعرفَ العبدُ ربَّه، وأن يَعمُرَ قلبَه بمعرفته سبحانه، وأن يتوسَّلَ إليه بأسمائه وصفاته، ولهذا قال: "أسألُك بكلِّ اسم هو لكَ سَمَّيتَ به نفسَك، أو أنزلتَه في كتابك، أو علَّمته أحداً من خلقك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك"، فهذا توسُّلٌ إلى الله بأسمائه كلِّها ما عَلَمَ العبدُ منها وما لَم يعلم، وهذا أحبُّ الوسائل إلى الله سبحانه.

والأصلُ الرابع: هو العنايةُ بالقرآن الكريم، كلام الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه، المشتمل على الهداية والشفاء والكفاية والعافية، والعبدُ كلَّما كان عظيمَ العناية بالقرآن تلاوةً وحفظاً ومذاكرةً وتدبُّراً، وعملاً وتطبيقاً نال من السعادة والطمأنينة وراحةِ الصَّدر وزوال الهمِّ والغَمِّ والحزن بحسب ذلك، ولهذا قال في هذا الدعاء: "أن تَجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ونورَ صدري وجلاءَ حزني وذهاب هَمِّي".

فهذه أربعةُ أصول عظيمة مستفادة من هذا الدعاء المبارك، ينبغي علينا أن نتأمَّلَها ونَسعَى في تحقيقها؛ لننالَ هذا الموعودَ الكريمَ والفضلَ العظيم وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إلاَّ أذهبَ اللهُ هَمَّه وأبدلَه مكان حزنه فرحاً" وفي رواية "فَرَجاً"، ومن الله وحده نطلب العونَ والتوفيق.


١ سورة: الأعراف، الآية (١٨٠) .
٢ سورة: الإسراء، الآية (١١٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>