للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى "حسبنا الله" أي: كافينا كلّ ما أهَمَّنا، فلا نتَوَكَّل إلاَّ عليه ولا نعتمد إلاَّ عليه كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} ١ أي: كافيه كما قال: {لَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} ٢.

وقوله: "ونِعم الوكيل" أي: نِعم المتوكَّلُ عليه في جلب النَّعماء ودفع الضَّرِّ والبلاء، كما قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} ٣.

وقد تضمَّنت هذه الكلمةُ العظيمةُ التوَكُّلَ على الله والاعتمادَ عليه والالتجاء إليه سبحانه، وأنَّ ذلك سبيلُ عِزِّ الإنسان ونَجاتِه وسلامته، قال ابنُ القيم رحمه الله: "وهو حَسْبُ من تَوَكَّل عليه، وكافي من لجأ إليه، وهو الذي يؤمِّنُ خوفَ الخائف، ويُجيرُ المستجير، وهو نِعم المولى ونعم النَّصير، فمَن تولاَّه واستنصرَ به وتوكَّلَ عليه وانقطعَ بكُلِّيَّته إليه تولاَّه وحفظَه وحَرَسَهُ وصانَه، ومَن خافه واتَّقاه أمَّنَه مِمَّا يخافُ ويَحذَر، وجَلَبَ إليه كلَّ ما يحتاج إليه من المنافع {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} ٤، فلا تَسْتَبْطِئْ نصرَه ورزقَه وعافيتَه، فإنَّ اللهَ بالغُ أمره، وقد جعل الله لكلِّ شيء قدْراً، لا يتقدَّم عنه ولا يتأخر"٥.

ثمَّ إنَّ فيما تقدَّم دلالةٌ على عظَم شأن هذه الكلمة وأنَّها قولُ إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام في الشدائد.


١ سورة: الطلاق، الآية (٣) .
٢ سورة: الزمر، الآية (٣٦) .
٣ سورة: الأنفال، الآية (٤٠) .
٤ سورة: الطلاق، الآيتان (٢ ـ ٣) .
٥ بدائع الفوائد (٢/٢٣٧ ـ ٢٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>