للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا المقام كما تقدَّم الاستغفارُ له وسؤال الله تثيبتَه.

وأمَّا ما يُقال لذويه عند تعزيتِهم، فإنَّ المشروعَ للمسلم أن يعزيَ أخاه بما يظنُّ أنَّه يسليه ويُذهب حزنه ويعينه على الرِّضا بالقضاء والصبر على المصيبة مِمَّا ثبت عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه يقوله في هذا المقام إن كان يستحضر شيئاً من ذلك، وإلاَّ يقول ما تيسَّر له من الكلام الحسن والقول الطيِّب الذي يُحقِّق المقصودَ ولا يُخالف الشرعَ.

والمسلم مأجورٌ على تعزيته لإخوانه ووقوفه معهم في محنتهم ومصابهم، ففي الحديث عن النَبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: " مَا مِنْ مُؤْمن يُعَزِّي أخاه بمصيبة إلاَّ كَسَاهُ اللهُ عزَّ وجلَّ من حُلَلِ الكَرَامَة يومَ القيامَة" رواه ابن ماجه وغيرُه١.

ومِمَّا ورد في السنة في التعزية ما رواه البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: " أَرْسَلَتْ ابْنَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ: إِنَّ ابْناً لِي قُبِضَ فَائْتِنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرِيءُ السَّلاَمَ وَيَقُولُ: إِنَّ للهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمَّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ"٢، قال النووي رحمه الله: "هذا الحديث أحد ما يُعزَّى به".

وفي حديث أبي سلمة: لَمَّا مات شق بصره فأغمضه النَبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثم قال: " إنَّ الروحَ إذا قُبض تَبعَهُ البَصَرُ" فصاح ناسٌ من أهله فقال: "لا تَدْعُوا على أَنفُسِكُم إلاَّ بِخَيرٍ، فإنَّ الملائكةَ يُؤَمِّنونَ على ما تَقولُون"، ثم قال: "اللَّهمَّ اغْفرْ لأَبِي سَلَمَةَ، وارْفَعْ دَرَجَتَه في المَهْديِّين، واخْلُفْه في عَقِبِهِ في


١ سنن ابن ماجه (رقم:١٦٠١) ، وحسَّنه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الترغيب (رقم:٣٥٠٨) .
٢ صحيح البخاري (رقم:١٢٨٤) ، وصحيح مسلم (رقم:٩٢٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>