للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغَابِرِينَ، واغفرْ لَنَا وَلَهُ يا رَبَّ العَالَمِينَ، وافْسَحْ لَهُ في قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ " رواه مسلم١.

أمَّا ما يُقال عند زيارة القبور، فإنَّ السُّنَّة قد جاءت بمشروعية زيارة القبور للاتِّعاظ وتذكُّر الآخرة، وللدعاء لأهلها بالرَّحمة والمغفرة، وقد مُنع الناسُ في بدء الأمر من زيارة القبور؛ لقُرب عهدهم من الجاهلية وخشية أن يتكلَّموا بشيء من كلام أهل الجاهلية عندها، فلمَّا استقرَّت قواعدُ الإسلام وتَمهَّدت أحكامُه واشتهرت معالِمُه أُبيحت لهم الزيارة مع البيان لمقاصدها والتحذير من قول الباطل عند زيارتها.

فعن بُريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنِّي كُنتُ نَهيتُكُم عن زيَارَةِ القُبُور فزُرُوهَا" رواه مسلم وأحمد والنسائي وغيرهم، وزاد أحمد: "فَإنَّهَا تُذَكِّرُكُمُ الآخرَةَ وزاد النسائي: "فمَن أَرَادَ أن يَزُورَ فَلْيَزُرْ، ولاَ تَقُولُوا هُجراً"٢.

والهُجْرُ الباطل من القول، كدعاء المقبورين والاستغاثة بهم من دون الله، أو التوسُّل بهم أو طلب البركة منهم ونحو ذلك من الباطل والضلال، ولقد جاء في سنة النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم بيانُ ما يُشرَع للمسلم أن يقولَه عند زيارة القبور، ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ البَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ. قَالَتْ: قُلْتُ: كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: قُولِي: السَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ المُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا


١ صحيح مسلم (رقم:٩٢٠) .
٢ صحيح مسلم (رقم:٩٧٧) ، المسند (٥/٣٥٥) ، سنن النسائي (٤/٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>