للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلاَحِقُونَ"١.

وروى مسلم أيضاً عن بُريدة رضي الله عنه قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُهُمْ إِذا خَرَجُوا إِلَى المَقَابِرِ، فَكَانَ قائلهم يَقُولُ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلاَحِقُونَ، أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ"٢.

قال ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد في كلامه عن هدي النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور: "كان إذا زار قبور أصحابه يزورها للدعاء لهم، والترحُّم عليهم، والاستغفار لهم، وهذه هي الزيارة التي سنَّها لأمَّته، وشرعها لهم، وأمرهم أن يقولوا إذا زاروها: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية) ، وكان هديُه أن يقول ويفعل عند زيارتها من جنس ما يقوله عند الصلاة على الميِّت من الدعاء والترحُّم والاستغفار، فأبَى المشركون إلاَّ دعاءَ الميت والإشراك به، والإقسامَ على الله به وسؤاله الحوائج والاستعانة به والتوجُّهَ إليه، بعكس هديه صلى الله عليه وسلم، فإنَّه هدي توحيد وإحسان إلى الميت، وهديُ هؤلاء شركٌ وإساءةٌ إلى نفوسهم وإلى الميت، وهم ثلاثة أقسام: إمَّا أن يدعوا الميت، أو يدعوا به أو عنده، ويرون الدعاءَ عنده أوجبَ وأولى من الدعاء في المساجد، ومَن تأمَّل هديَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، تبيَّن له الفرقُ بين الأمرين، وبالله التوفيق"٣. اهـ كلامه.

وبما تقدَّم يتَّضح أنَّ أحوالَ الناس في زيارة القبور لا تخرج عن أربع حالات:


١ صحيح مسلم (رقم:٩٧٤) .
٢ صحيح مسلم (رقم:٩٧٥) .
٣ زاد المعاد (١/٥٢٦ ـ ٥٢٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>