لقد مرَّ معنا الأدعيةُ المتعلقةُ بالاستسقاء، والتي يُشرع للمسلم أن يقولها عند قحوط المطر واستئخاره عن إبان نزوله، وما يترتَّب على ذلك من جفاف في الزروع وهلاك في الماشية، وغير ذلك من الأضرار، وهي دعوات مباركة واستغاثات نافعة بربِّ العالمين وخالق الخلق أجمعين، الذي بيده أزمة الأمور ومقاليد السموات والأرض، الذي أمره لشيء إذا أراده أن يقول له كن فيكون، والدعاء ينبئ عن قوة الافتقار وتحقيق العبودية، ويوجب للعبد خضوعه وخشوعه وشدَّة انكساره لربِّ البريَّة، فكم من دعوة رفع الله بها المكاره وأنواع المضار، ونال بها العبدُ الخيرات العديدة والبركاتِ المتنوِّعة وأنواعَ المسار.
والعبد يدعو الله في كلِّ أحيانه ويدعو الله في كلِّ شؤونه إذا تأخر المطر دعا الله، وإذا نزل المطر دعا الله، وإذا سمع الرَّعدَ ذكر الله، ففقره إلى الله ذاتِيٌّ، لا غنى له عن ربِّه وسيِّده ومولاه طرفة عين، والله عزَّ وجلَّ غنِيٌّ حميد.
وقد تقدَّم فيما مضى ما يُقال في الاستسقاء والاستصحاء، وأمَّا إذا نزل الغيث فإنَّ من السنَّة أن يقول المسلم عند نزوله "اللهمَّ صيِّباً نافعاً" لِما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال: "اللَّهمَّ صيِّباً نافِعاً"١.