دلالة على أنَّ المطر قد يكون نزولُه رحمةً ونعمةً، وهو النافع، وقد يكون نزوله عقوبةً ونقمةً وهو الضار.
والمسلمُ يسأل الله عند نزول المطر أن يكون نافعاً غير ضار، وهذا الدعاء المذكور يُستحبُّ بعد نزول المطر للازدياد من الخير والبركة، مقيَّداً بدفع ما يُخشى ويُحْذَرُ من ضَرر.
ومن الواجب على العبد في هذا المقام الكريم أن يعرف نعمة الله عليه، وينسبَ الفضلَ إليه، فهو سبحانه مولي النِّعم ومُسديها، بيده العطاءُ والمنع، والخفض والرفع، لا ربَّّ سواه ولا إله غيره.
وقد ثبت في الصحيحين عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال:"صَلَّى لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الصُّبح بالحُدَيْبِيَة على إثر سَماء كانت مِنَ اللَّيل [أي على إثر مطر] فلمَّا انصرفَ أَقْبَلَ على النَّاس، فقال: هَل تَدرُون ماذا قال رَبُّكم؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال: أَصْبَحَ من عبَادِي مؤمنٌ بِي وكافِرٌ، فأمَّا مَن قال: مُطرنا بفضل الله ورَحْمَتِه، فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب، وأمَّا مَن قال: مُطرنا بنَوْءِ كذا وكذا، فذَلكَ كافرٌ بِي مُؤْمنُ بالكَوْكَب "١.
فالقائل عند نزول المطر: مُطرنا بفضل الله ورحمته، قد نسب النعمةَ لمُعطيها، وأضاف المنَّة لموليها، واعتقد أنَّ نزول هذا الفضل والخير والرحمة إنَّما هو محضُ نعمة الله وآثارُ رحمته سبحانه.
وأمَّا القائل عند نزول المطر: مُطرنا بنوء كذا وكذا فلا يخلو من أمرين:
إمَّا أن يعتقد أنَّ المُنْزِلَ للمطر هو النجمُ، وهذا كفرٌ ظاهرٌ ناقلٌ من ملَّة
١ صحيح البخاري (رقم:١٠٣٨) ، وصحيح مسلم (رقم:٧١) ، وقوله: "صلى لنا" أي: "صلَّى بنا" كما هو لفظ الحديث عند مسلم.