للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض المسلمين من لا يحسن قراءة هذه السورة الكريمة، بل لربّما يلحن فيها لحنًا يفسد معناها، أو يخلُّ بمدلولها، أو ترى فيهم من لا يُعْنَى بتدبّرها وتفهُّمِها وتعقُّل معانيها ومعرفة مدلولاتها. والواجب من عباد الله المؤمنين كلِّهم تعظيمُ هذه السورة الكريمة وقدرُها حقّ قدرها، وتلاوتُها حقّ تلاوتها؛ إذ هي أعظم سُوَر القرآن وأفرضُها على الأمّة، وأجمعُها لكلِّ ما يحتاج إليه العبد، وأعمُّها نفعاً.

قال ابن القيِّم رحمه الله: "وتالله لا تجد مقالةً فاسدةً ولا بدعةً باطلةً إلاّ وفاتحةُ الكتاب متضمّنةٌ لردّها وإبطالها بأقرب الطرق وأصحّها وأوضحها، ولا تجد باباً من أبواب المعارف الإلهية وأعمال القلوب وأدويتها من عللها وأسقامها إلاّ وفي فاتحة الكتاب مفتاحه وموضع الدِّلالة عليه، ولا منزلاً من منازل السائرين إلى ربّ العالمين إلاّ وبدايته ونهايته فيها، ولَعَمْرُ اللهِ إنَّ شأنَها لأعظمُ من ذلك، وهي فوق ذلك، وما تحقّق عبدٌ بها واعتصم بها وعقل عمّن تكلّم بها، وأنزلها شفاءً تاماًّ، وعصمةً بالغةً، ونورًا مبينًا، وفهمها وفهم لوازمها كما ينبغي ووَقَع في بدعةٍ ولا شركٍ ولا أصابه مرضٌ من أمراض القلوب إلاّ لماماً غير مستقرّ"١.

وبهذا نأتي إلى نهاية ما قُصد بيانه هنا، حامدين لله، مثنين عليه بما هو أهله، وبما أثنى به على نفسه، حمداً غيرَ مكفيٍّ ولا مكفورٍ ولا مودعٍ، ولا مستغناً عنه ربنا.


١ زاد المعاد (٤/٣٤٧ ـ ٣٤٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>